الرئيسية » » وفجأة | علاء الدين عبد المولى

وفجأة | علاء الدين عبد المولى

Written By Unknown on الخميس، 2 يوليو 2015 | 6:05 ص

... وفجأة يقف الكهنة المكسيكيون والسوريون وأصدقاء لهم في صفّ أمام راهبة سورية ويطلقون بصوت واحد أغنية بمناسبة عيد ميلادها. وفجأة يزهر وجه الراهبة خجلا وارتباكا، وتتلاحق في عينيها دمعات وربما تختنق كلمات لا تعرف كيف تعبر عنها فتختفي في حنجرتها.
وفجأة أطلق لها زغرودة سورية طويلة وأنا كلي أشواق لمثل هذه المناسبة في أرض سورية.
تلك هي راهبة جاءت من جنوب البلاد الشامية بعد أن عاشت سنين في دير معلولا، لتشاء الأقدار أن تحملها أجنحة الغياب إلى آخر الأرض. لتعيش في دير مكسيكي رئيسه سوريّ وفيه راهب سوريّ آخر. راهبان كل منهما يقوم بتقديم رائحة بلده وثقافته إلى الآخرين بطريقته. الراهب يزرع الخضار ذات البذور السورية في تراب دير مكسيكي فتولد معافاة معطرة بأنفاس الشرق الشامي. وراهبة تتفنن في تقديم الأطباق السورية بأشهى ما يحلم مهاجر محروم حتى من نكهة الزيت والزعتر الحلبي. بيدين مباركتين وروحٍ مضيئة بإصباحٍ سوريّ ونفَسٍ نادر في خلق وجبات مجبولة بعطر وبخور وقداسة تنتشر في عروق الآكلين وهم يستمتعون بأرواح الشرق.
تلك هي راهبة من سوريا، تحمل في عينيها أيام سوريا وأحزانها، وتصرّ على تقديم بلادها بالشكل الأجمل والألذّ، ليس فقط طعاما، بل طعاما روحيّا لا يقلّ حضورا وجمالية عن الطعام المادي. راهبة تمنح البشر خبزهم الجوهري، كفاف شوقهم إلى بلادٍ تتسرّب من بين الكفوف.
ما كان لمثل هذه التفاصيل أن تمر على الشاعر المهاجر مرور الكرام، فهي تفاصيلُ لأشخاص كرامٍ يؤكدون لك أن هناك من يحمل كرامة الروح والشوق والوطن...
الحق الحق أقول لكم: إن راهبة من بلادي، وضعت طعم بلادي في يدي، ففاضت بلادي من كل الجهات...
في عيد القديس بولس، ازداد بولس في روحي نوراً...


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.