أنا الآن عجوز ،
يحق لى أن أصير ملاكا ..
فقد ساعدت كثيرا فى استقرار العالم لمدة تسعين عاما ،
حملتُ على كتفىَّ الأرضَ ، زرعت قمحا لأطفالى ، سردت القصص والحكايات التى عبرت منها من ضفة الفراغ إلى الفراغ ،
أنا الآن شجرة جميز عملاقة ، ظلى منحن؛كراءٍ متعبة تسند ظهرها على ألف الكلام ، ..أصابعى تعبت من رسم خطوط المصائر على التراب وأنا أجمع كل خيوط الإحتمالات ، لم يبق لى شئ من الحدقة سوى غبش الرؤيا ..لست أعمى ؛
ولكنى أشعر بالسماء تتقزم كجلد متغضن داخل رئتى ،
أتنفس قليلا من الذاكرة ؛
لى قدمان كانتا تقودان النمل إلى البيت لتأكل من سكر المشاوير ،
كانت زوجتى تطبخ النهار للعابرين ، ويدخل العشب والشجر والعصافير من كوة فى جدارٍ طينىٍ ،
أنا الآن صرت ركعة أخيرة فى صلاة العصر ،
أتوضأ بما بقى من نور فى كلام النهار ، ثمة غيمتان تقتربان ،
لتقرءا السلام على العتبة الخاشعة بإنتظارها الطيب ،
بعد قليل ستغرب الشمس ،
وأمشى لوحدى ...
حتى أبلغ بئرا فى أقصى الصحراء .
