من السبق ينبعث المحار
هي في السبق محارة سمراء ترعى
جنون الهوى على متن بساطٍ بثقوب الشدائد
تتلوى بين شاطئ أفحم من سكنات القلب
تتحرك حبات رمله بعناء
وبين صفعات موجٍ لا تخفيك وجه العدم
صحبة للمطر منتشيا بانهياره على صخور القدم
مشاكسا هوس الدجل بين فجوات الاختراق
في قلب السماء
في فتحات العشق المخاطة بالالتباس
في شرائط التحدي على عتبة الاعتلاء
في تخاريف الامسيات الحمراء بلسان اهل الحال
قرب الوجوم المهترئ لقساوة الوجوه الليلية
صارت عروسة المحار تدلل خيالات دوائر الخداع
مرتجفة بين فقدان مائها المالح
بين انكسارها المفاجئ تحت أقدام الرتابة
بين انسداد نوافذ العري المباح
بمناديل حريرية تبتسم للريح دون انقطاع
بشعيرات شائكة على رأسها شمعة تحترق
ورائحة طحالب سمّمتها أيادي الغفلة
من وراء صناديق زجاجية يستمر بداخلها عبث الحيل
هي في السبق محارة سمرا ء تسعى
خلف أطياف الافتراض المعاكس للحلم
قرب تنهيدات أجلاف القطاع المحروس بالشكوى
لا عثرة تؤديها فعمق البحر شريد
لا هدنة تغفيها فليالي السهر تنهيها قرحة البيد
لا وصلة تغريها بالحبور فحبل عشقها طريد
غنت احتضارها بلحن الصاعقة
وطبّلت شتاتها بأصابع الارتداد الضائعة
فغلت ثقوبها في الواجهة
وفر الجنون يؤثث قبورا للمنسيات
وعيناه تداوي حرقة الالوان الجريحة بوبرة الادمان
في السبق محارة تتعرى بالمجان لخيوط الشمس
ولا تبالي لوطأة الغرباء
تنسج بدموعها مسلكا بينها وبين القوارب
في زحمة التماثيل الفولاذية بزي الاحتراق
لا تبالي رعشة كبدٍ بين كفوف جافة
على أمل الفجوات التي تفصلها على باب القصر
عادت تتعطر بماء الصبار
مغلولة بحبال النخيل السامة من أخمص القدم
الى آخر نظرة رسمتها للهروب
عادت تتلعثم صدمات الجنون
وازنة هامات طواحن البلاء بعيون مغمضة
وشاماتها تسرق من القمر بريق الالوان
عادت وفي سمرتها بقايا العذاب
من فرط الغياب
من شرط الحساب
من كلفة تقبيل الاعتاب
عادت ومفاتيح الشدو وشّحت خواء الصدور
عادت ليتها ما عادت
مفتول الاضلع قابعا على نار ينتظر المرور
وخياشيم البلاء تتخطى معزوفة الانين بالشخير
لا رسم لخيال الاجساد
لا رائحة لطلاء الحناء في الايادي
لا ملمس يخلو من شوك العناد لما تنكمش الالحان
عادت وفي سمرتها آثار الندوب
من وجع الايام...
من غدر الاحلام...
عادت ليتها ما عادت
عادت
محارتي السمراء
الى آخر نظرة رسمتها للهروب
عادت ولها في السبق مرايا الجنون
ليتها ما عادت
عبداللطيف رعري /مونتبوليي/فرنسا