الرئيسية » » لم أعد أتذكّر شيئا | عادل عفية

لم أعد أتذكّر شيئا | عادل عفية

Written By Unknown on الثلاثاء، 14 يوليو 2015 | 12:50 ص

لم أعد أتذكّر شيئا
العربات التي تلـُوح في جادة ريفنا ليست عربات
إنها ظلال متسلّلة من ثوب الليل الداكن
حتى السناجب المتقافزة في الطريق تلقي عليها أزهار التحيات فتُزهِرُ ابتسامتي حين أتذكر أن طفولتي
تقافزتْ في الطريق نفسه كسنجاب و غابت في حُفرة واراها الزمن بأوحاله
و أتربته التي زرع النسيان فيها براعمه الفتيّة و نام هناك
لم نعد نذكر شيئا
العربات المهجورة عند النهر ترثي سائسيها
العجلات الخشبية المنخورة بصفير الريح
مازالت رغم أنف الوقت واقفةً
لم نعد نتذكّر شيئا
العربات التي حملتنا إلى بساتين اللوز وحدها تبتسم لنا
تُربّت على وجعٍ صَدِئ مازال يَخِز القلب كلما عُدتُ
الذاكرة سَقفٌ مُثقَلٌ بالماء الرّاكد
أيامُنا تتقاطر من السّقف
أصواتنا مبتلّة بعَرَقِ المَوتى في قِبَاءٍ كُنّا بَنَيناها بحَطب يابس و خوف اسمنتييّ أزرق
نظراتُنا عناقيد خضراء
تتدلّى من شجر المسافة
احرسيها يا الطيور من حزن الفصول
تلك العناقيد آية للطريق
لِحاء نزعناه للتو من جذع الذاكرة كي نُثبّت خطانا به في الدرب المعتِم
وحدها العربات مازالت واقفة رغم أنف المسافة ضاحكة لطفولتنا متجمّلة برائحة الطين
أيتها العربات المهجورة كُفي عن مواويلك التي تثقب قلبي كلّما نَظرتُ
خذيني إلى السماء محمّلا بأحلامي
سأزرعها هناك نجوما و غيمات
سيمطر وجهي و يسقي غابات الصدى
ألوّح على عربات طفولتي بمناديل بيضاء
حمام يرفرف و يطير من صوتي السماويّ
سأعيد الماء إلى جسدي رغم عباءة الصيف التي تلف جسدي حرارتُها
أعِرني نظاراتك كي أرى
كي تصير حدائق النّص تيجانا من الشوك تتساقط في الماء
تفرّ الكلمات من كفّي و تَلِجُ خزائن المعنى
أهديكَ عربات الكلام و الخطى
و هي ترتفع إلى الأبديّة محمّلة برائحة صوتك
كن غيمةً خفيفة
اسقِ بمائكَ الصّبار
و ظلال الخيول الآتية من ثوب الليل
كن خفيفا كي تحملك العربات شرقا و تُهديك فكرةً لِ"طاغور" المتكئ على صفصافة في "بوننو"
ناظرا إلى المنارات التي يخيط عباءة الليل ضوئها المتكسّر
حمِّل العربات الواقفة عند شفة الريح كل التحيّات
لعلّك تُجفّف الفكرة من ماء النسيان
لعلّك تتذكّر شيئا ما


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.