خَفقة خَلق
عادل سعيد
خَفقة خَلق
كُتِبَ على هذه الأرضِ ـ العراق ـ أن لا يُقالَ فيها سوى المَراثي و المَناحات
شعر سومري
منذُ اوّلِ شِهقةِ خَلْقٍِ
عَجَنتْ مصرُ الصخرَ و القَهرَ مع الضِحكَة
و بنَت الأهرامات
و عَجنَ العراقُ التُرابَ مع الحُزنِ
و بَنى
جَنائنَ الدُموعِ المُعلّقة
***
لَم يكُن يحفلُ
بما يتساقطُ مِن قُبَلٍ و ابتسامات
مِن بريدِ الحُبِّ
و هو يَنقلُهُ
بينَ دجلةَ و الفُرات
أحياناً تنسحِقُ النجومُ كالجوزِ
تحتَ قَدميهِ
وهو يُشيّدُ الليلَ بينهما
بَما ادّخرَ مِن دمعٍ
مازالَ يتكاثرُ في روحهِ
مِن مِحنةِ هَجرٍ بين فراشتين
و يخيطُ شقوقَ الهواءِ المُتعبِ بين الضفتين
حينا يلهو مع الفُراتِ
وهو يقترحُ العابَ طفولتِهِ على دجلةَ
و حينا يبتكرُ للدمِ ساقيةً
و هو يتفاوضُ بين فريستين
للجملِ يُنبتُ عشبَ الصبرِ
و ينسجُ القِشّ
دثاراً لعِشقِ بردانِ بين طائِريْن
أو قُبّعةً لِشمسٍ تخافُ على جمرتِها
مِن رشّةِ مَطَر
قَد يُدرّبُ ضحكةً
و يَنساها بين شَفتَين
و لكنّهُ يمُدُّ بساطَ حُزنهِ
تحتَ عَينٍ تلوذُ بين دمعَتين
و حين تَنهشُ الذئابُ أناشيدَ قلبهِ
يُخفي زُغبَ اغانيهِ
في اعشاشِ طفولتهِ
و إذ تَعصفُ شُعوبُ الجرادِ بسنابلِهِ
يقتاتُ من دَغلِ قصائدهِ
و يقترضُ مِن شيخوخَتِه
حِكمةَ فكِّ الإشتباكِ
بين ضفتين تشاجرتا
للفوز بقلبِ نهر
و حين تلاحقُ سُحبُ غُبارِ التاريخ
خيولَ الزَمنِ تجرُّ سلالاتِ الذهبِ
وهي تخوض في مستنقعات العَويل
ويَفتحُ للمقهورِ نافذةَ المَحوِ
في كتابِ المراثي
و يُعلّقُ دموعَهُ في مُتحفِ ذاكرتِهِ
للماحي يفتحُ سجِلاّتِ الفِضة
و يُقيمُ مُدنَ الياقوت
غيرَ انهُ يغطِسُ في نفسِهِ
يُواري عَورةَ الآلهةِ القتيلةِ
بعدَ ان يَلمَّ ما تساقطَ من انينها و دموعِها في خُرجهِ
ثُمَّ ينامُ قروناً
و قد يستيقِظُ في تابوتٍ
كي يَشهدَ قيامَ إلهٍ جديدٍ
في جَسدِ ..
طاغوت !!