الإبداع والجنس "
-------------------------------------
لقد وضعت الشعوبُ عبر التاريخ - في كل اللغات التي تتحدث بها كل جماعة - مسميات ومصطلحات إشارية لكل الأعضاء الجنسية والتناسلية الموجودة في الرجل والمرأة ، وليس فقط بل وضعوا جذور الأفعال الخاصة بالعملية الجنسية ، واختلفت هذه المصطلحات من لغة إلى لغة أخرى بل ومن دولة إلى دولة تتحدثان نفس اللغة ، والأكثر أنها اختلفت وتنوعت داخل الدولة الواحدة من مكان إلى مكان ، وهذا الإهتمام اللغوي في اختيار مصطلحات خاصة بالجنس وتعددهذه المصطلحات يؤكدُ أن الجنس مُفردة تفاعلية قوية في الواقع تستوجبُ الإهتمام ، ولكن تحت ادعاء أن الجنس من صفته الخصوصية ، وتحت ادعاء أن المقول الديني يرفض الخوض في هذه المساحة العارية تم إغلاق أبوابه على مستوى السرد والحكي والرسم سواء بالشكل المباشر أو حتى بالإيحاء ، وفقط ظل مباحاً فوق السرير أو في حكايا النساء الخاصة مع بعضهن البعض وكذلك بين الرجال على المقاهي ، ومن ثم استمرت فكرة الإغلاق سائدة ومسيطرة على العقول بشكل ديكتاتوري والتي أحدثت قطع في بنية العقل فأصبح يرفض الفكرة ظاهرياً ويوافق عليها باطنياً فانقسم على نفسه وصار مشوَهاً وناقصاً في تعامله مع العالم ، ولا شك أن الكثيرين من المبدعين في كل المجالاتِ الإبداعية قد استسلموا لهذا الإغلاق واختصروا العالم في المفردات المباحة ، ومن حاول اختراق هذا التابوه لم يستطع أن يقدم نموذجاً إبداعياً حقيقياً لهذه المفردة فجاء عمله الإبداعي ليس أكثر من مساحة من البورنو كتوصيف ردئ لحالة الفعل الجنسي ، لأنه لا يرى العالم سوى من الزاوية الحسية التي تعتمد على التلقي بالحواس وفقط ، ومن ثم لم يستطع أن يقدم سوى صورة موازية لا تتعدى كونها محاكاه لصورة الفعل الجنسي الظاهرية دون التعمق في أغوار هذه الصورة وربطها بالعالم ..
المُبدع الحقيقي يخترق الظاهر ليكشف عن الباطن والأعمق ، ليس بتقديم ظاهراً موازياً اعتماداً على المفاهيم البلاغية القديمة المُستهلكة ، وإنما باختراق هذا الظاهر حد لمس باطنه وتقديم عالم مُغاير حتى فيما يخص الجنس كتابوه مُغلَق ، و يفرض وبقوة طالما أنه يفرض الحياة ولا يكذب ، طالما أنه يخترق الظاهر ويطيح بكل حربائيته لصالح الباطن الحقيقي ، طالما أنه يجلدُ الإنقسام العقلي ، المبدع الحقيقي لا يؤمن إلا بالمستحيل لأنه يرفض الإيمان بالممكن ، فهو يدعو إلى تفكيك كل الإفتراضات القائمة والنظر إليها من جديد ، فى محاولة لتحليلها وإعادة التفكير فى مفهوم الإنسانية وشكلها بوجه عام ، فالكلمة المُكررة المعنى المسجونة في افكار بالية لن ترقى بالعقل ولا بالقلب ولا بالروح ، الكلمة المسجونة والتي تخرج من كيانات مقسومة على نفسها وظاهرها غير باطنها وتعتمد على البلاغة القديمة المتهالكة من كثرة الاستهلاك مجازاً وكنايةً وتشبيهاً عقيماً لن تبعث سوى على التضخم العقلي وستظل تدعو لإقامة ديكتاتورية الأفكار الثابتة ..
هذا العالم يرفض اختصار مفرداته أو التغاضي عن بعضها ويتحرك دائماً ، ومن ثم فالمعاني بطبعها متحركة ومؤجَّلة ، هذا العالم تم إلقائه بحجر فتمدد دائرة تنفتح على دائرة .
-------------------------------------
لقد وضعت الشعوبُ عبر التاريخ - في كل اللغات التي تتحدث بها كل جماعة - مسميات ومصطلحات إشارية لكل الأعضاء الجنسية والتناسلية الموجودة في الرجل والمرأة ، وليس فقط بل وضعوا جذور الأفعال الخاصة بالعملية الجنسية ، واختلفت هذه المصطلحات من لغة إلى لغة أخرى بل ومن دولة إلى دولة تتحدثان نفس اللغة ، والأكثر أنها اختلفت وتنوعت داخل الدولة الواحدة من مكان إلى مكان ، وهذا الإهتمام اللغوي في اختيار مصطلحات خاصة بالجنس وتعددهذه المصطلحات يؤكدُ أن الجنس مُفردة تفاعلية قوية في الواقع تستوجبُ الإهتمام ، ولكن تحت ادعاء أن الجنس من صفته الخصوصية ، وتحت ادعاء أن المقول الديني يرفض الخوض في هذه المساحة العارية تم إغلاق أبوابه على مستوى السرد والحكي والرسم سواء بالشكل المباشر أو حتى بالإيحاء ، وفقط ظل مباحاً فوق السرير أو في حكايا النساء الخاصة مع بعضهن البعض وكذلك بين الرجال على المقاهي ، ومن ثم استمرت فكرة الإغلاق سائدة ومسيطرة على العقول بشكل ديكتاتوري والتي أحدثت قطع في بنية العقل فأصبح يرفض الفكرة ظاهرياً ويوافق عليها باطنياً فانقسم على نفسه وصار مشوَهاً وناقصاً في تعامله مع العالم ، ولا شك أن الكثيرين من المبدعين في كل المجالاتِ الإبداعية قد استسلموا لهذا الإغلاق واختصروا العالم في المفردات المباحة ، ومن حاول اختراق هذا التابوه لم يستطع أن يقدم نموذجاً إبداعياً حقيقياً لهذه المفردة فجاء عمله الإبداعي ليس أكثر من مساحة من البورنو كتوصيف ردئ لحالة الفعل الجنسي ، لأنه لا يرى العالم سوى من الزاوية الحسية التي تعتمد على التلقي بالحواس وفقط ، ومن ثم لم يستطع أن يقدم سوى صورة موازية لا تتعدى كونها محاكاه لصورة الفعل الجنسي الظاهرية دون التعمق في أغوار هذه الصورة وربطها بالعالم ..
المُبدع الحقيقي يخترق الظاهر ليكشف عن الباطن والأعمق ، ليس بتقديم ظاهراً موازياً اعتماداً على المفاهيم البلاغية القديمة المُستهلكة ، وإنما باختراق هذا الظاهر حد لمس باطنه وتقديم عالم مُغاير حتى فيما يخص الجنس كتابوه مُغلَق ، و يفرض وبقوة طالما أنه يفرض الحياة ولا يكذب ، طالما أنه يخترق الظاهر ويطيح بكل حربائيته لصالح الباطن الحقيقي ، طالما أنه يجلدُ الإنقسام العقلي ، المبدع الحقيقي لا يؤمن إلا بالمستحيل لأنه يرفض الإيمان بالممكن ، فهو يدعو إلى تفكيك كل الإفتراضات القائمة والنظر إليها من جديد ، فى محاولة لتحليلها وإعادة التفكير فى مفهوم الإنسانية وشكلها بوجه عام ، فالكلمة المُكررة المعنى المسجونة في افكار بالية لن ترقى بالعقل ولا بالقلب ولا بالروح ، الكلمة المسجونة والتي تخرج من كيانات مقسومة على نفسها وظاهرها غير باطنها وتعتمد على البلاغة القديمة المتهالكة من كثرة الاستهلاك مجازاً وكنايةً وتشبيهاً عقيماً لن تبعث سوى على التضخم العقلي وستظل تدعو لإقامة ديكتاتورية الأفكار الثابتة ..
هذا العالم يرفض اختصار مفرداته أو التغاضي عن بعضها ويتحرك دائماً ، ومن ثم فالمعاني بطبعها متحركة ومؤجَّلة ، هذا العالم تم إلقائه بحجر فتمدد دائرة تنفتح على دائرة .